أثار تحرير التجارة الخارجية على اقتصاديات الدول النامية : حالة الجزائر

Abstract

حظي موضوع التجارة الدولية باهتمام بالغ بعد الحرب العالمية مطلع القرن الماضي، وذلك بسبب الحاجة إلى التخلص من الآثار السلبية التي خلفتها هذه الحرب، والتي تتمثل بالعوائق التجارية والركود الاقتصادي، مما أدى إلى ظهور اتفاقية برتن وودز التي دعت إلى مزيد من التحرير في إطار اتفاقية الجات والتي شملت العديد من الاتفاقيات حددت الأطر العامة للنظام التجاري الدولي الجديد والتي تؤدي في النهاية إلى رفع الحواجز الجمركية وغير الجمركية والسماح بانسياب السلع والخدمات ورؤوس الأموال بين الدول، مما سيدفع باقتصاديات هذه الدول إلى النمو الناتج عن التخصيص الأمثل لمواردها، وانتقد أنصار الحماية هذا التوجه بحجج جعلت المجادلات مستمرة بين المدافعين عن المزيد من حرية التجارة وبين معارضيهم خصوصا في حالة الدول النامية، ولو أن الاقتصاديين يجمعون على ما لتحرير التجارة الخارجية من آثار إيجابية على اقتصاديات هذه الدول، الا أن الاختلافات بينهم تكمن في أي مرحلة من مراحل التطور الاقتصادي ينبغي لهذه الدول القيام بعملية التحرير، هذه الدول التي لم ينصفها لا التحرير ولا الحماية، ولم تكن طرفا في رسم ملامح النظام التجاري العالمي، فمنذ انتهاء جولة الاورغواي، تعاظمت مخاوف كثير من الدول النامية من عواقب تحرير التجارة الدولية متعددة الاطراف، وما أسفرت عنه الجولة من اتفاقيات، وترجع هذه المخاوف أساسا إلى الفجوة الواسعة بين مستويات الانتاجية ومن ثم القدرات التنافسية بين الدول النامية والمتقدمة، ولا تملك الصوت المسموع في المؤتمرات والهيئات ذات الصلة التي ترسم وتحدد وتضع القوانين التي تحكم التجارة الدولية، حتى أن بعض الدارسين لحقل التجارة الخارجية وأثره على اقتصاديات الدول النامية أطنبوا في الحديث على مساوئ النظام التجاري القائم والتقسيم الدولي بين دول نامية باقتصاديات فتية فقيرة للمهارة والتكنولوجيا تخصصت في استخراج المواد الاولية وتصديرها إلى الدول المتقدمة ذات الباع الطويل والمهارة في الصناعة والزراعة والخدمات وكذا التحكم في التكنولوجيا الحديثة، وطالبوا بتجارة دولية عادلة قبل أن تكون حرة، لا تكون فيها طبيعة التجارة الخارجية للدول النامية المتميزة بانكشافها الاقتصادي المرتفع على العالم الخارجي واعتمادها على صادرات عالية التركيز يغلب عليها منتج أولي واحد، وتنوعها المفرط في مستورداتها وتركزها مع عدد محدود من الشركاء التجاريين وغير ذلك، ساهمت في إيجاد عالقة غير متكافئة مجسدة في عالقة تبعية للدول النامية مع دول العالم الخارجي لا سيما الدول المتقدمة، مع إمكانية زيادة هذه الفجوة نظرا للعوائق الداخلية والخارجية التي تكبح عملية التنمية والتصنيع ومحاولات رفع القدرات الانتاجية وتنافسيتها. كما أن الاتفاقيات الاخيرة قد شملت مجالات يمكن أن تقود إلى احتدام المنافسة في الاسواق العالمية أمام صناعات الدول النامية، إلى جانب تهديدها بزيادة أعباء وقيود نقل التكنولوجيا من الدول المتقدمة إلى الدول النامية عبر اتفاقية حماية حقوق الملكية الفكرية. وفي هذا العمل الذي جاء تحت عنوان آثار تحرير التجارة الخارجية على اقتصاديات الدول النامية تم التطرق إلى انعكاسات عملية تحرير التجارة الخارجية على التنمية الاقتصادية التي شرعت فيها الدول النامية منذ عقود والاسس التي وضعتها لبناء مؤسسات صناعية تقود عملية التنمية والتطور والتكنولوجي، وعلى النمو الاقتصادي بالأثر الذي أحدثته عملية التحرير على الناتج المحلي لهذه الدول، وكذا على أداء التجارة الخارجية للدول النامية مقارنة بالدول المتقدمة في الثالث عقود الاخيرة كما نوعا. وكذلك تضمن مسار تحرير التجارة الخارجية في الجزائر، ومسار مفاوضات الانضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة، وكذا اتفاق الشراكة مع الاتحاد الاوربي والدخول في المنطقة العربية الكبرى للتجارة الحرة وانعكاسات ذلك سلبا وإيجابا على تطور الاقتصاد الوطني.