التعدد الإثني في منطقة الساحل الإفريقي وتأثيره على الأمن القومي الجزائري : مالي أنموذجا 2011 - 2020

Abstract

يُعد موضوع التعدد الإثني في منطقة الساحل الإفريقي وتأثيره على الأمن القومي الجزائري من المواضيع البالغة الأهمية والتعقيد، لما تعرفه المنطقة من تداخل وتشابك للكثير من التهديدات المختلفة، ومن أبرزها التهديد الإثني الذي ساعد في استفحاله عوامل كثيرة لعل أهمها، الفشل الوظيفي لبعض الدول وغياب الأمن المجتمعي، مما حوّل هذه المنطقة إلى مجال للنزاعات والصراعات مثل النزاع في شمال مالي بين الطوارق والحكومة المركزية منذ 2012، وتنامي لمخاطر جديدة من إرهاب وجريمة منظمة وهجرة غير شرعية، ومما زاد من حدة هذه الصراعات هو تحول المنطقة إلى ساحة تنافس بين القوى الكبرى والصاعدة. تهتم هذه الدراسة بمحاولة فهم كيفية تأثير التعدد والنزاع الإثني في منطقة الساحل الإفريقي على الأمن القومي الجزائري، لأنّ الساحل الإفريقي يُعد منطقة حيوية بالنسبة للجزائر ويمثل عمقها الإستراتيجي في الجناح الجنوبي، مما جعلها تؤثر وتتأثر بكل ما يحصل فيه، ويمثل الفشل الذي يميز دول المنطقة ومنها دولة مالي ووجود الجماعات الإثنية المختلفة تهديدات متعددة على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي. للإجابة على هذه الإشكالية المطروحة، خصصنا أربع فصول، الأول؛ يشتمل على دراسة واقع التعدد الإثني للمنطقة وتأثيره على بناء الدولة وتحقيق الإستقرار فيها. أما الثاني؛ فيركز على انعكاسات النزاعات الإثنية على الأمن القومي الجزائري وأهم التهديدات الأخرى التي تعاني منها مالي وكامل المنطقة. ويوضح الثالث؛ دور المقاربة الأمنية الجزائرية في احتواء التهديدات الأمنية ومدى توافقها مع التحديات التي تواجهها، خاصة تلك المتعلقة بالتهديدات الإثنية. أما الفصل الرابع؛ فقد خُصص للنزاع في مالي تحديدا، التي تشهد أزمات أمنية خطيرة وضعتها أمام منعطف حاسم، خاصة مع بروز الكثير من المتغيرات، كان أهمها نزاع الطوارق. وقد توصلت الدراسة إلى نتيجة رئيسية، مفادها أنّ هناك ترابط كبير بين التعدد والنزاع الإثني في منطقة الساحل الإفريقي؛ خاصة في الحالة المدروسة (دولة مالي)، على الرغم من أنّ التعدد الإثني لا يُعد مصدرا ولا سببا في تفكيك الدول، بل بالعكس فالتنوع يمثل عامل قوة وحضارة إذا ما أُستغل أحسن استغلال. لكن دولة مالي تعاني فشلا يكمن في عدم المقدرة على بناء هوية وطنية أو وجود مؤسسات تحميها، مما أدى إلى تصاعد المطالب الهوياتية وفق منطق النزاع الاجتماعي الممتد عبر الحدود الوطنية الذي يهدد الأمن المجتمعي للدولة الوطنية الحديثة وانتقال النزاع إلى دول أخرى مجاورة، ومن ثم سيصبح هناك مبرر للتدخل الأجنبي في كامل المنطقة. وقد شكلت هذه المتغيرات مأزقا أمنيا للسياسة الأمنية الجزائرية، لكن الجزائر اعتمدت مقاربة أمنية شاملة من أجل حل الصراعات والنزاعات انطلاقا من مبادئها خاصة فيما يتعلق بالنزاع في مالي.

The issue of multi-ethnicity in the Sahel region and its impact on Algerian national security is of great importance. The complexity of the region is the overlap and intertwining of many different threats, most notably the ethnic threat, which was exacerbated by many factors, perhaps the most important of which is the functional failure of some countries and the absence of societal security, which turned this region into a field of disputes and conflicts such as the conflict in northern Mali between the Tuareg and the central government since 2012, and the growth of new risks of terrorism, organized crime and illegal immigration, and what exacerbated these conflicts is the transformation of the region into an arena of competition between major and emerging powers. This study is concerned with trying to understand how pluralism and ethnic conflict in the African Sahel region affect Algerian national security, because the African Sahel is a vital area for Algeria and represents its strategic depth in the southern flank, which made it affect and be affected by everything that happens in it, and the failure that characterizes the countries of the region, including Mali, and the presence of different ethnic groups represent multiple threats at the national, regional and international levels. To answer this problem, we have devoted four chapters, the first of which includes a study of the reality of the region's multi-ethnicity and its impact on state building and stability. The second focuses on the repercussions of ethnic conflicts on Algerian national security and the most important other threats facing Mali and the entire region. The third explains the role of the Algerian security approach in containing security threats and their compatibility with the challenges they face, especially those related to ethnic threats. The fourth chapter is devoted to the conflict in Mali in particular, which is witnessing serious security crises that put it at a critical juncture, especially with the emergence of many variables, the most important of which was the Tuareg conflict. The study reached a major conclusion that there is a great correlation between pluralism and ethnic conflict in the African Sahel region, especially in the studied case (the state of Mali), although ethnic pluralism is neither a source nor a reason for the dismantling of states, but on the contrary, diversity represents a factor of strength and civilization if exploited well. However, the Malian state suffers from a failure that lies in the inability to build a national identity or the existence of institutions.