دور الاتحاد العام التونسي للشغل في مسار التحول الديمقراطي 2011 - 2014

Abstract

فرض الاتحاد العام التونسي للشغل نفسه منذ تأسيسه سنة 1946 فاعلا رئيسيا في الحركة الوطنية التونسية أثناء فترة الاستعمار الفرنسي حيث اضطلع بدور جوهري في استقطاب مختلف فاعلي الحركة الوطنية للنضال والمقاومة ضد الاستعمار ودحره ، واستطاع من خلال التحالف مع الحزب الدستوري الجديد غداة استقلال تونس سنة 1956 من الاتفاق على برنامج اجتماعي واقتصادي يهدف إلى بناء الدولة التونسية الناشئة . إلا أن تلك العلاقة بين الاتحاد والنظام السياسي تأرجحت بين الوفاق أحيانا وبين الصراع والتصادم أحيانا أخرى ويرجع ذلك إلى تنامي القوة الجماهيرية والهيكلة التنظيمية للاتحاد من جهة ، وإلى محاولة النظام احتواء الاتحاد وتدجينه من جهة ثانية . ومع انطلاق ثورة يناير 2011 التي كانت مفاجئة للاتحاد وللنظام ولمختلف الأطراف الأخرى سارع إطارات وقادة الاتحاد في الأقاليم الجهوية والمحلية إلى الانخراط في الحراك الاجتماعي وإلى إعطاء الثورة دفعا قويا وتوفير أسباب نجاحها من خلال احتضان المقرات الجهوية للاتحاد العام التونسي للشغل للمناضلين وللمتظاهرين المحتجين ضد النظام ــــ رغم معارضة القيادة النقابية ــــ ، ومن خلال شنّ الإضرابات العامة وتنظيم المظاهرات التي كانت تنطلق من أمام مقرات الاتحاد على غرار المظاهرة الكبرى في14 يناير 2011 في العاصمة تونس التي كانت فاصلة في مسار ثورة الكرامة بهروب " بن علي " . بعد نجاح الثورة وانهيار النظام دخلت تونس مرحلة الانتقال الديمقراطي التي كان للاتحاد العام التونسي للشغل دورا بارزا فيها إذ لم يكتــف هذا الأخير بتحقيق أهدافه المطلبية التي توّجت بتوقيع الاتحاد العقد الاجتماعي مع الحكومة ومنظمة الأعراف في مارس 2014 ، بل تعـدّى ذلك إلى لعب دور فاعل على الصعيد السياسي سواء في " الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي " أو من خلال قيامه بدور الوساطة بين مختلف الفرقاء السياسيين بغية تقريب وجهات النظر وإدارته للحوار الوطني الذي جنّب تونس أزمة سياسية كادت تعصف بعملية الانتقال الديمقراطي برمّتها ، هذا الدور الذي مكّن الرباعي الراعي للحوار الوطني بقيادة الاتحاد العام التونسي للشغل من التتويج بجائزة نوبل للسلام .