اشكاليات بناء أمن انساني مشترك في حوض البحر الأبيض المتوسط

Abstract

تثير المسألة الأمنية إحدى المسائل المعقدة التي أرقت الباحثين والمفكرين في مجال الدراسات الأمنية؛ لا سيما مع نهاية الحرب الباردة والتحولات التي طرأت على الساحة الدولية، بالإضافة إلى التهديدات الأمنية الجديدة، وتزايد الاهتمام بحقوق الإنسان والقضايا الإنسانية الذي صاحب تحولات كبرى على مستوى القيم، المفاهيم والمدركات الأمنية؛ كل ذلك فرض إعادة صياغة جديدة لمفهوم الأمن أكثر شمولا يتجاوز المفهوم العسكري الضيق؛ فيما عرف بعد ذلك بالأمن الإنساني؛ الذي يقوم على فكرة أن الفاعل الأساسي والقاعدي هو الإنسان وهو الغاية لكل العمليات البنائية المتعلقة بتحقيق مجتمع متجانس وآمن. بالنظر إلى حوض المتوسط على أنه من أكثر المناطق عرضة للتهديدات الأمنية الجديدة، وأحد المجالات الجيو إستراتيجية الأكثر حساسية في العالم؛ إذ أنه يشكل منطقة تلاقي وامتزاج للثقافات والحضارات وفي نفس الوقت منطقة تصادم وصراع؛ مما يخلق سلسلة من الرهانات المصيرية خاصة فيما يتعلق بقضايا الأمن والاستقرار وسبل تحقيق الأمن الإنساني المستدام. إن الأهمية المركزية لحوض البحر الأبيض المتوسط خاصة الأمنية منها؛ جعلت منه مهد الاضطرابات و التوترات، ومصدرا لعدة تهديدات؛ الأمر الذي خلق بيئة أمنية مضطربة وغير مستقرة، ومع ازدياد الوعي بطبيعة هذه التهديدات اللاتماثلية والعابرة للحدود وبصعوبة مواجهتها بشكل فردي؛ والتي تفرض مصير مشترك بين دول ضفتي المتوسط؛ أصبح من الضرورة بمكان التعاون والبحث على سبل و كيفيات بناء أمن إنساني مشترك بين ضفتي المتوسط؛ لأن الإيمان بفكرة الأمن المشترك و المصير المشترك يجعل من التعاون والتشارك في بناء الأمن حتمية لا خيار؛ وذلك بتجاوز كل العوائق والإشكاليات التي تحول دون تحقيقه.