البيروقراطية و التحول الديمقراطي في الجزائر

Abstract

تلعب البيروقراطية دورا محوريا في تسيير شؤون الأفراد وخدمة المجتمع غير أن شموليتها لكل المجالات أصبح يطرح إشكالا كبيرا خصوصا في الدول النامية لكون البيروقراطية في هذه الدول امتد نفوذها إلى المجال السياسي لدرجة تحولت فيها إلى عائق أمام فاعلية الأنظمة السياسية خاصة في إطار سعيها لتكريس الديمقراطية والقضاء على الأنظمة التسلطية. والجزائر بصفتها جزءا من الدول النامية فقد ساهم الاستعمار الفرنسي ومرحلة الحزب الواحد في إرساء بيروقراطية مشوهة تدعمت أكثر بمحورية السلطة التنفيذية والمكانة المحورية للبيروقراطية العسكرية في صناعة القرار والممارسات السلبية التي خلفتها التغيرات التي عرفها المجتمع في المرحلة الانتقالية وما صاحبها من تغير في القيم والسلوكيات. وانطلاقا من هذه المغيرات فإن هذه الدراسة رصدت طبيعة العلاقة بين البيروقراطية والتحول الديمقراطي في الجزائر مركزة في ذلك على أهم القيود البيروقراطية المعيقة لممارسة الحريات منها حريات التعبير والعمل الحزبي والجمعوي والانتخابات، وانعكاس هذه القيود على عملية التحول الديمقراطي بتكريسها لأزمة المشاركة السياسية من خلال العزوف الانتخابي وضعف الأداء الحزبي والجمعوي، إضافة إلى أزمة الشرعية كنتيجة حتمية لفساد البيروقراطية. كما تم تحليلأهم الإجراءات تي تبنتها الجزائر لعقلنة البيروقراطية من خلال الإصلاحات الإدارية وتكريس الحكم الراشد بغية تحقيق توازن بين الأجهزة المنتخبة والأجهزة الإدارية وتحقيق حياد هذه الأخيرة في العملية السياسية. وكخلاصة فقد توصلت الدراسة إلى أن البيروقراطية في الجزائر تشكل أداة لتكريس قدسية الدولة والتحكم في كل مظاهر العملية الديمقراطية مما أفضى إلى ضعف الأجهزة المنتخبة والتنظيمات السياسية وجعل من البيروقراطية أداة معيقة للديمقراطية، وأن الحل الأنجح لتكريس الدور الإيجابي للبيروقراطية كأداة لخدمة العملية الديمقراطية وإنجاحها هو إعادة النظر في طبيعة النظام السياسي بالتركيز على تكريس استقلالية القضاء وفاعلية السلطة التشريعية، إضافة إلى الخروج من دائرة الاقتصاد الريعي لما يخلفه من سلوكيات سلبية في الأجهزة البيروقراطية، إضافة إلى تبني ساسة الاستثمار في المورد البشري كرأس مال أساسي لتحقيق التنمية على كافة المستويات.