سياسة الإصلاحات الإقتصادية في الجزائر و إشكالية البحث عن ترقية الصادرات خارج المحروقات : المؤسسات الصغيرة و المتوسطة نموذجا

Abstract

شهد الاقتصاد الجزائري منذ الاستقلال تغيرات مهمة فرضتها الظروف والتحولات التي عرفتها الساحتين الوطنية والدولية على كافة الأصعدة. فقد تبنت الجزائر إستراتيجية وفق نظرة اشتراكية قائمة على أساس التخطيط المركزي وهيمنة القطاع العام على الاقتصاد، لكن سرعان ما بدأت هذه الإستراتيجية تكشف عن بوادر الضعف والاختلال ابتداءا من سنة 1986 بفعل الأزمة النفطية المعاكسة، وتأثيرها السلبي على الاقتصاد الوطني نتيجة اعتماده على قطاع الصادرات وحيدة الجانب مرتكزة بالأساس على المحروقات دون غيرها. الأمر الذي أدخلها في أزمة اقتصادية حادة بفعل انخفاض أسعار النفط، وعجل من تبني خيار اقتصاد السوق كبديل عن الاقتصاد الموجه. وقد رافق هذا التوجه قيام الجزائر بجملة من التدابير والإصلاحات السياسية والاقتصادية المتتالية والواسعة تتعلق بمنظومة إدارة الحكم وكفاءة الإدارة، كللت ببرامج استثمارية طموحة، خاصة في ظل توفر الموارد المالية، من خلال التوسع في الإنفاق العام متمثلة في سياسة الإنعاش الاقتصادي التي اعتمدت أربعة برامج أساسية. وفي سياق هذه الإصلاحات، حرص صناع القرار في الجزائر على مسألة التفكير الاستراتيجي المتصلة بإيجاد بدائل تنموية متنوعة كمصادر للحصول على العملة الصعبة، وتوفير الاحتياجات من النقد الأجنبي بشكل منظم، والحيلولة دون الوقوع في معضلة نضوب موارد النفط، أو التعرض لتقلبات أسعاره وتذبذبات صرف العملات في البورصات العالمية. لهذا تسعى الحكومة الجزائرية إلى الاهتمام بموضوع ترقية الصادرات خارج المحروقات، الذي اعتبرته من الموضوعات المهمة المرتبطة بتفعيل دور القطاعات الاقتصادية في تحقيق مستويات مقبولة من النمو الاقتصادي. حيث أدركت أن تنويع هيكل الصادرات الوطنية والقضاء على الاختلال الهيكلي لها أصبح لازما وضروريا، بحيث يجب إيجاد آليات كفيلة بتحقيق هذا المسعى، ومن المتوقع أن تجد في اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، إلى جانب اتفاقية المنطقة العربية للتبادل الحر والانضمام المحتمل إلى الفضاء العالمي للتجارة فرصة للمؤسسات الجزائرية عامة وللمؤسسات الصغيرة والمتوسطة خاصة لتصدير منتجاتها وللرفع من أدائها التصديري. وانطلاقا من هذا الطرح تتضح معالم الدراسة وتبرز أهم جوانبها، التي تظهر في مختلف الإجراءات والتدابير الحكومية، من أجل ترقية الصادرات خارج المحروقات في ظل التحولات الاقتصادية العالمية الراهنة.