العامل المذهبي و أثره في السياسة الخارجية للدول إيران وعلاقتها بدول الجوار

Abstract

تداولت الأدبيات السياسية الإيرانية عددا من المفاهيم التي تعكس قدرا من التوجهات الإستراتيجية المتباينة منذ قيام الثورة الإسلامية في إيران، وتدل على الخطة الاستراتيجية لشبكة العلاقات الدولية للدولة لم تكن واضحة بالقدر الكافي، لاسيما في المراحل الأولى. فقد بدأت الثورة وفي تصور قياداتها أن تكون إيران هي مركز الأمة الإسلامية، وهو ما عبرت عنه نظرية أم القرى، وفكرة حوزة إيران الحضارية التي تقوم على أساس الأمة الثقافية بمضمونها الفارسي. وهو دليل على أن إيران تتنازعها توجهات استراتيجية مختلفة نتيجة انتماءات متعددة، وتقاليد تاريخية في السلوك السياسي، حيث أن السياسة الخارجية الإيرانية تتأثر بالعديد من المتغيرات التي يرتبط بعضها بالمجال الخارجي، في حين يرتبط بعضها الآخر بالواقع الداخلي، وهذا ما يوضح لنا تأثير الظروف التي رافقت ولادة الثورة الإسلامية الإيرانية وساهمت في تشكيل سيكولوجية المجتمع الإيراني وصناع القرار وخياراتهم الاستراتيجية. تحرص هذه الدراسة على تحديد تأثير المتغيرات الداخلية وخاصة في مجال الدين (العامل المذهبي) على صناعة وبلورة التوجهات العامة للسياسة الخارجية للدول ومنها إيران انموذجا، خصوصا لما يمثله المذهب الشيعي منذ ولادته وتشكله رسميا في بلورة توجهات وطموحات إيران على مدى العصور السابقة. حيث تتناول المشكلة البحثية محاولة التعرف على مدى تأثير البعد المذهبي في السياسة الخارجية للدول وخصوصا إيران ومدى انعكاس هذا السلوك السياسي المصبوغ بالمذهبية على دول الجوار الإقليمي. ولتحقيق الأهداف المرجوّة، اعتمدت الدراسة على عدة مناهج علمية سعيا إلى تثبيت أو نفي صحة فرضيات الدراسة، وليتسنى لنا في الأخير الإجابة على سؤالها المحوري، ومنه فقد أثبتنا صحة ما افترضناه وتوصلنا إلى عدة استنتاجات أهمها، أن قيام الثورة الإيرانية كثورة أيديولوجية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية كان لها أثر كبير على سير القيادة السياسية وظهور العامل المذهبي والعمل بمبدأ تصدير الثورة، حيث أن إيران قبل الثورة ليست كإيران الثورة خاصة في سياساتها الخارجية، فلقد كان العامل المذهبي هو المحرك الأساسي للسياسة الخارجية الإيرانية وصنع القرار في إيران والحاكم لجميع جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية ، حيث حرصت إيران في تدخلاتها على تعزيز المذهبية في المنطقة، وذلك بانتقاء الازمات والصراعات التي يتمثل فيها العامل المذهبي بصورة مباشرة أو من خلال خلق أذرع سياسية موالية لها من حيث المذهب الشيعي والايديولوجية الثورية، كحزب الله في لبنان على سبيل المثال، حيث تعطي هذه الفكرة دورا أساسيا لدور المذهبية في السياسة الخارجية الإيرانية، وما يبرهن على ذلك تدخلها في الأزمة السورية واليمنية ذات البعد المذهبي.