دور المجالس المحلية المنتخبة في تحقيق التنمية المحلية المستدامة بالجزائر : دراسة حالة ولاية بومرداس 2012 - 2017

Abstract

تعالج هذه الدراسة أحد المواضيع الراهنة والمطروحة للنقاش خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية التي تشهدها الدولة الجزائرية، وهو ''دور المجالس المحلية المنتخبة في تحقيق التنمية المحلية المستدامة بالجزائر - دراسة حالة ولاية بومرداس 2012-2017''-، وهذا نظرا لما تملكه هذه المجالس المحلية البلدية والولائية بحسب قوانينها العديد من الصلاحيات والاختصاصات في إدارة وتسيير شؤون المواطنين وتحسين مستوى وضعيتهم الاجتماعية، الاقتصادية، والبيئية وغيرها، بما يؤدي في الأخير إلى تحقيق تنمية محلية مستدامة الأجيال الحاضرة و المستقبلية.وللإحاطة الشاملة بموضوعنا، فقد اشتملت الدراسة على جانبين: جانب نظري و جانب واقعي ميداني مقسمة في ثلاثة فصول، بحيث تناولنا في الفصل الأول الإطار المفاهيمي للمجالس المحلية المنتخبة و التنمية المحلية المستدامة، و في الفصل الثاني تم توضيح مكانة المجالس المحلية المنتخبة في ظل سياسات التنمية المحلية المستدامة بالجزائر، أما في الفصل الثالث و الأخير فهو متعلق بالجانب الميداني للدراسة، بحيث تضمن دراسة حالة ولاية بومرداس و بالضبط لدور مجلسها الشعبي الولائي خلال العهدة الانتخابية الممتدة ما بين 2012 إلى غاية 2017، و هذا من أجل الكشف عن الدور الفعلي للمجلس الولائي لولاية بومرداس و تقييم مستوى أدائه، و ذلك من خلال تحليل نتائج الاستبيان الموجه لأفراد عينة الدراسة .وقد تم الاعتماد في هذه الدراسة على مجموعة من الإجراءات المنهجية المتمثلة في المنهج الوصفي التحليلي و منهج دراسة حالة، وكذا الاقتراب القانوني، المؤسسي،الوظيفي و النسقي،مستعينين في ذلك بعده أدوات أساسية لجمع المعلومات و البيانات من الواقع الميداني و هي استمارة الاستبيان، المقابلة، الملاحظة و الوثائق و السجلات الرسمية.ومن أهم النتائج التي تم التوصل إليها في هذه الدراسة أن دور المجالس المحلية المنتخبة في تحقيق التنمية المحلية المستدامة بالجزائر هو دور رمزي و محدودية التأثير، و لا تمتلك هذه المجالس الصلاحيات و الاختصاصات الكافية للقيام بدورها التنموي والخدماتي على أكمل وجه، حيث نجد التدخل الملحوظ لسلطة الوصاية بشكل مستمر في تسيير عملية التنمية، هذا ما يؤثر بالسلب على استقلالية المجالس المحلية المنتخبة في مباشرة اختصاصاتها التنموية بنفسها وبحرية، و بالتالي فإن هذا الأمر يعد مناقضا تماما لمبدأ اللامركزية الإدارية.بالإضافة إلى غياب أبعاد التنمية المستدامة على المستوى المحلي أثناء إعداد و تنفيذ البرامج و المشاريع التنموية، مما أدى إلى ظهور العديد من الصعوبات و المشاكل في سبيل تحقيق أهداف التنمية المحلية المستدامة، و هذا راجع إلى نقص الوعي لدى المنتخبين المحليين و كذا المجتمع المدني بأهمية إدراج أبعاد التنمية المستدامة عند إعداد و تنفيذ السياسات التنموية المحلية و المتمثلة في البعد الاقتصادي ، البعد الاجتماعي و البعد البيئي، لأن باجتماع هذه الأبعاد الثلاثة و إدراجها في المشاريع و البرامج المزمع إنجازها ينتج لنا تنمية محلية مستدامة حقيقية و التي تهدف إلى الحد من الفقر و تحقيق التوازن بين الأقاليم و الإنصاف و العدالة و كذا حماية البيئة الطبيعية من التلوث و استغلال مواردها بالشكل الجيد و العقلاني ، ضف إلى هذا نجد غياب مشاركة مختلف الفواعل المحلية في تحديد أولويات التنمية و المشاركة في تجسيدها على أرض الواقع.وفي الأخير خلصت هذه الدراسة إلى وضع مجموعة من الاقتراحات أهمها ضرورة إعادة النظر في الإطار القانوني المنظم لعمل المجالس المحلية المنتخبة، وذلك من خلال منح صلاحيات و أدوار أوسع في المجال التنموي ، و التخفيف من حدة الرقابة الوصائية الممارسة و المفروضة عليها بالشكل الذي يجعل هذه المجالس في استقلالية تامة و مطلقة في مباشرة مهامها و الأدوار المنوطة بها، و كذا ضرورة وضع إطار قانوني واضح يحدد فيه آليات تفعيل مشاركة المواطنين كأطراف فاعلة في صنع القرارات المحلية، بحيث تكون هذه المشاركة مضمونة ومحمية، وتؤسس لمجتمع مدني فعال و ديمقراطية تشاركية مجسدة واقعيا، بالإضافة إلى ضرورة تكوين المنتخبين والموظفين المحليين بصفة دورية و مستمرة في تسيير الشأن المحلي العام، و هذا من أجل ضمان التطبيق السليم و الجيد للقوانين و ضمان التجسيد الفعلي للبرامج و المشاريع التنموية في إطار نهج الاستدامة، ضف إلى هذا لا بد من مراعاة أبعاد الاستدامة عند إعداد و تنفيذ البرامج و المشاريع التنموية على المستوى المحلي، و هذا يقتضي ضرورة توافر الوعي الكافي لدى أعضاء المجالس المحلية المنتخبة بأهمية الاستدامة بمختلف أبعادها، و ضرورة إدراجها في برنامجها السياسي كونها آلية جديدة للتنمية المحلية.