انعكاسات التهديدات الأمنية غير التقليدية على المنطقة المغاربية 2001 - 2016

Abstract

تهدف هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على دور الديمقراطية التوافقية في إدارة العملية السياسية في المجتمعات الطائفية باعتبارها آلية سياسية لمعالجة مشكلة المشاركة السياسية في هذه المجتمعات، والتي تعاني في مجملها من حدة الانقسامات والصراعات الطائفية وأعمال العنف السياسي بين مكوناتها المختلفة، لهذا يتطلب الأمر بناء عقد اجتماعي وسياسي يشارك في صياغته وتحديد مضمونه كل القوى والفواعل الموجودة في المجتمع الطائفي من جهة وتكريس فلسفة الحوار والتشاور الديمقراطي والتوافق السياسي من أجل بناء السلم والتعايش دخل المجتمع باتجاه تحسين مستويات الاستقرار السياسي والاجتماعي في هذه المجتمعات، وهذا في ظل ترسيخ قيم ومرتكزات الديمقراطية التوافقية من جهة ثانية، ويتوقف نجاح ذلك على مدى قدرة وفاعلية النظام السياسي ومؤسساته الرسمية على بلورة وتطبيق آليات واستراتيجيات كفيلة باستيعاب كل المكونات والقوى الموجودة في المجتمع الطائفي في إطار تطبيق مبادئ ومرتكزات الديمقراطية التوافقية.كما تتطرق هذه الدراسة بالنقد والتحليل إلى لحالة الماليزية واللبنانية وتجربتهما في مجال تطبيق الديمقراطية التوافقية ما بين سنة 1989 و 2015، وقد كانت التجربة الماليزية على قدر كبير من النجاح في إدارتها لتعدديتها المجتمعية طائفيا وعرقيا ودينيا، حيث تم التأكيد على ترسيخ مفهوم التضامن والوحدة الوطنية، كما تم تطبيق مجموعة من السياسيات والاستراتيجيات الفعالة والعمل على ترسيخ ثقافة الحوار والتعايش والتوافق بين كافة الطوائف والأعراق والأقليات المكونة للمجتمع الماليزي، الأمر الذي أوجد بيئة مستقرة أساسها التسامح والتعايش في ظل بناء نظام سياسي توافقي أساسه التعاون بين مختلف قطاعاته، مما ساهم بشكل كبير في تحقيق مستويات مقبولة من الاستقرار السياسي والاجتماعي في ماليزيا.أما لبنان فهي دولة تعاني من ضعف كبير نتيجة لاستمرار التدخل الأجنبي العربي وغير العربي من جهة، والدور السلبي للطائفية السياسية وتأثيراتها على إدارة العملية السياسية من جهة ثانية، حيث تشكل الطائفية السياسية بهيمنتها على مؤسسات الدولة وصنع القرار فيها والتدخلات الخارجية الإقليمية والدولية العربية وغير العربية عائقان أمام تحقيق الاستقرار السياسي وبناء دولة لبنانية بمؤسساتها السياسية والإدارية الأمنية قادرة على التعامل مع الوضع الداخلي في لبنان بكل تناقضاته.