السياسة الخارجية الروسية والتحولات السياسية في المنطقة العربية : دراسة مقارنة لحالتي ليبيا وسوريا

Abstract

شهدت روسيا الاتحادية نقلة نوعية في مجال سياستها الخارجية في عهد الرئيس فلاديمير بوتين الذي وضع نصب عينيه استرجاع هيبة الدولة داخليا وخارجيا، بعد عشرية من حكم الرئيس بوريس يلتسينوالتي عرفت فيها عدد من الإخفاقات الاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية انعكست بشكل مباشر وسلبي على مكانتها كوريثة للاتحاد السوفياتي الذي كان قوى عظمى فاعلة في النسق الدولي. الرغبة الملحة للرئيس بوتين في إعادة احياء دور روسيا الاتحادية في النسق الدولي تطلب منه احداث وثبة قوية على المستوى الداخلي،بدأ بمحاربة الفساد وتطوير مؤسسات الحكم، وتعزيز سيطرة الدولة على المجال الاقتصادي وتحديدا قطاع الطاقة، بالإضافة الى تحديث وعصرنة المؤسسة العسكرية، وكانت هاته التحولات منطلقا لإعادة تصحيح وضع روسيا الاتحادية خارجيا، فعادت الى سابق عهدها وأصبحت تمارس أدوارا فعالة في عدد من المناطق الحيوية في النسق الدولي من بينها المنطقة العربية. وجد صناع قرار السياسة الخارجية الروسية الفرصة مواتية مع ما شهدته المنطقة العربية من تحولات سياسية ترافقت مع الحراك العربي منذ 2011، فقد مثلت مخرجات الأحداث الجارية هناك رهانا جديدا لإثباتمدى قدرة روسيا الاتحادية للعب أدوارا حاسمة في هاته المنطقة، التي ما فتأت أن تكون مسرحا لتنفيذ الأجندات الخارجية الغربية المهيمنة على المنطقة وعلى العالم بما يتعارض في كثير من الحالات مع توجهات السياسة الخارجية الروسية الجديدة. تسارعت الأحداث في عدد من الدول العربيةوكانت البداية بسقوط نظام حكم العقيد معمر القذافيفي ليبيا بعد تدخل حلف الناتو سنة 2011،الذي كانت تربطه علاقات وثيقة مع الاتحاد السوفياتي ووريثته روسيا الاتحادية، وانتقلت عدوة الاحتجاجات الى الجمهورية العربية السورية والتي تحولت فيها الى حرب داخلية مأساوية، تصدت فيها روسيا الاتحادية لكل المحاولات الخارجية الرامية الى تحميل نظام بشار الأسد مسؤولية الأحداث الجارية. حاولنا من خلال هاته الأطروحة معالجة المنطلقات الجيواستراتيجية والجيوبوليتيكية الضابطة لتوجهات السياسة الخارجية الروسية اتجاه الأحداث التي عرفتها كل من ليبيا وسوريا، لاختبار حقيقة الأدوار التي أصبحت تلعبها روسيا الاتحادية في المنطقة العربية، وتم تقسيمها إلى فصل أول خصص للجانب المفاهيمي والنظري، اما الفصل الثاني فتم فيه دراسة الأزمة الليبية وموقف روسيا الاتحادية منها، اما الفصل الثالث فتم فيه دراسة الأزمة السورية وموقف روسيا الاتحادية منها، وأخير كان الفصل الرابع منطلقا لضبط العوامل المفسرة لأجندة السياسة الخارجية الروسية اتجاه كل من ليبيا وسوريا.