الإستراتيجية الأمريكية تجاه قضية انتشار الأسلحة النووية : دراسة حالة كوريا الشمالية2001-2018

Abstract

سعت الدراسة إلى البحث في معرفة حقيقة الدور الذي قامت به الولايات المتحدة الأمريكية من خلال إستراتيجيتها لمنع التسلح العسكري النووي لبعض الدول، كون ذلك يشكل تهديدا للأمن والسلم الدوليين، واعتمدت في ذلك على العديد من الوسائل للحد من انتشار الأسلحة النووية تمثلت في: الوسائل الدفاعية، الوسائل السياسية والعسكرية، الوسائل الاقتصادية والوسائل الدبلوماسية. وقد تبين من خلال هذه الدراسة أن الإستراتيجية الأمريكية تميزت بازدواجية المعايير بشأن البرامج النووية للدول، وتباينت مواقفها فبينما قامت الولايات المتحدة الأمريكية بتهديد كل من العراق، إيران وكوريا الشمالية باستخدام القوة العسكرية وصنفتها ضمن دول محور الشر فهي من جهة أخرى لا تتعامل مع إسرائيل بنفس المعيار، وهذا يتوقف على مصلحتها وحجم التهديد الذي تواجهه الولايات المتحدة الأمريكية. اعتبرت الولايات المتحدة الأمريكية أن البرنامج النووي لكوريا الشمالية من أهم التحديات التي تواجه الأمن القومي الأمريكي ومصالحها في منطقة شرق آسيا خاصة في كوريا الجنوبية واليابان، وقد اعتمدت من خلال إستراتيجيتها على توظيف العقوبات الاقتصادية الدولية التي فرضها مجلس الأمن من عام2006 إلى2017 لمنع كوريا الشمالية من الإستمرار في برنامجها النووي والصاروخي، واللجوء إلى المفاوضات الدبلوماسية بهدف الوصول إلى اتفاق والبحث عن أسس الحوار من خلال المحادثات السداسية من أجل نزع الأسلحة النووية من شبه الجزيرة الكورية واستبعاد القوة العسكرية حددت الولايات المتحدة الأمريكية إستراتيجيتها لكبح القدرات النووية والصاروخية لكوريا الشمالية، تعاملت إدارة الرئيس بيل كلينتون مع الملف النووي الكوري الشمالي بالمفاوضات من خلال إتفاق الإطار عام1994 الذي يقضي بتجميد البرنامج النووي الكوري الشمالي مقابل تقديم مساعدات اقتصادية لكوريا الشمالية، وقد انهار الاتفاق عام2003 خلال إدارة الرئيس جورج دبليو بوش الذي صنف كوريا الشمالية بأنها دولة مارقة تهدد العالم واعتبرها من دول محور الشر، ثم إدارة الرئيس باراك أوباما الذي فرض عقوبات دولية على كوريا الشمالية مع الإصرار على العودة إلى طاولة المفاوضات، وبعدها تأتي إدارة الرئيس دونالد ترامب التي اعتمدت على الضغط على نظام بيونج يانج وتهديد باستخدام القوة العسكرية بهدف نزع الأسلحة النووية من كوريا الشمالية والتوصل إلى إتفاق مع كوريا الشمالية. وقد دفعت العديد من المؤشرات إلى تهدئة العلاقات الأمريكية-الكورية الشمالية والتي تمثلت في قمة الكوريتين التي كان هدفها نزع السلاح النووي الكامل، وجعل شبه الجزيرة الكورية خالية من الأسلحة النووية، بالإضافة إلى الدور الصيني المتمثل في إقناع كوريا الشمالية في التخلي عن برنامجا النووي وهو ما حدث من خلال قمة سنغافورة المنعقدة في 12 جوان2018 بين الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" والزعيم الكوري الشمالي "كيم جونغ أون"، والتي جعلت كوريا الشمالية تتجه إلى المسار التفاوضي وتقديم تعهدات من بيونج يانج لنزع سلاحها النووي، مقابل ضمانات أمنية من طرف الولايات المتحدة الأمريكية. خلصت الدراسة إلى وضع وضع أربعة سيناريوهات متوقعة الحدوث و لكل منها مبرراتها وسياقها الخاص مع وضع تقييم لكل سيناريو ،والتي يمكن عرضها على النحو التالي: سيناريو الاتفاق النهائي من خلاله تتوصل كل من الولايات المتحدة الأمريكية وكوريا الشمالية على إتفاق نهائي لحل القضية النووية لكوريا الشمالية، وذلك بنزع كوريا الشمالية للسلاح النووي نزعا كاملا ولا رجعة فيه وقابل للتحقق وبالمقابل تقدم الولايات المتحدة الأمريكية ضمانات أمنية لكوريا الشمالية، بالإضافة إلى سيناريو الاتفاقات الجزئية بمعنى نزع السلاح الكوري الشمالي سيكون على مراحل وفي المقابل تقوم الولايات المتحدة بالتخفيف الجزئي للعقوبات المفروضة على كوريا الشمالية إلى غاية تحقيق نتائج ملموسة وواضحة. فضلا عن سيناريو كوريا الشمالية نووية بمعنى القبول بكوريا الشمالية بأنها دولة نووية بالإضافة إلى سيناريو الخيار العسكري من خلال اللجوء إلى القوة العسكرية أو التهديد باستخدامها. ويتضح مما سبق أن الخيار التفاوضي هو الأنسب وذلك من خلال تنسيق الجهود الأمريكية مع الجهود الإقليمية والدولية لوضع حل للقضية النووية لكوريا الشمالية، وستكون المفاوضات طويلة بين الأطراف، لكن إذا فشلت المحادثات سيفرض الواقع الإعتراف بكوريا الشمالية كقوة نووية معترف بها.