التنافس السعودي الايراني وأثره على الأمن القومي.

Abstract

تخلق بيئة الخليج بأهميتها الجيواستراتيجية وتنوعاتها العرقية والإثنية والمذهبية، واختلاف مصالح الدول بل وتعارضها، جوّاً من المنافسة والتشاحن يقود الدول في الغالب إلى الدخول في ترتيبات أمنية معقّدة، تحاول من خلالها كل دولة تثبيت وجودها والحفاظ على مصالحها الحيوية، ولذلك تفسير واقعي لحالة التنافس السعودي - الإيراني التي مرّت بمراحل التشكّل بُعيد انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية، ثم مرحلة الترقّب إبان الحرب العراقية الإيرانية، ثم مرحلة النضج خلال الفترة التي تلت حرب تحرير الكويت إلى غاية سقوط العاصمة بغداد عام 2003، هذه السنة تتويج لمرحلة البداية الفعلية للصدام بين الدولتين توّجت بالقطيعة والإعلان عن العداوة الصريحة بعد 2011. ساحات المنافسة السعودية - الإيرانية متمركزة على الخليج وأطرافه، فالساحة اليمنية محورية بالنسبة للرياض مهمّة بالنسبة لطهران، والساحة السورية محورية بالنسبة لطهران مهمّة بالنسبة للرياض، لكن بين الساحتين دوائر اشتباك ونفوذ تحوم حول البيت الخليجي GCC، ثم تتوسّع إلى مصر ودول المغرب العربي، إلى أن تصل إلى أعماق إفريقيا المحتاجة للدعم الاقتصادي والمالي بقدر حاجة الدولتين المتنافستين لدعم سياسي ودبلوماسي لإثبات النفوذ، أما القارة الآسيوية فليست بعيدة عن ساحاتها، خاصّة تلك الدول التي تتناغم مكوناتها الاجتماعية مع إحدى الطرفين، على غرار باكستان وأفغانستان ودول آسيا الوسطى والقوقاز، ثم ابعد من ذلك إلى أقاصي ركائز الاقتصاد الآسيوي المزدهر (النمور الآسيوية) التي تغري الطرفين بقدرتها على دعم تنافسيتهما. الخليج بنية أمنية واحدة بالرغم من الاختلاف والتناقض الذي ينطوي عليه بين وحداته المكوّنة له، وبالنظر لحالة الاستقطاب الذي تولّده الدول الإقليمية يتّجه الأمن الإقليمي نحو تكريس اللاأمن، بينما يخضع النظام الأمني لمجموعة من التهديدات على رأسها "الحرب" التي تتخذ أشكالاً متنوّعة، تؤدي بالضرورة إلى حالة العطب الجماعية Global Vulnerability كانعكاس طبيعي لاختيارات الدول الإقليمية المتنافسة (السعودية وإيران)؛ المبنية على الشكّ والريبة، وفقدان المتغيرات الهامّة في بناء الهوية الإقليمية؛ التي تعمل على تجميع المصالح المشتركة وتعزيز الثقة المتبادلة، في سبيل إيجاد أرضية للأمن المشترك، بل وحتى بناء جماعة أمنية تمتلك المنطقة من المقومات الأساسية الكثير "الاعتماد الأمني المتبادل - التخومية Adjaceny - الاتصال ..."؛ لكن الحالة التي يفرضها منطق التنافس الصفري لا تؤدي إلا لتقويض الأمن الإقليمي.