سياسة تشغيل خريجي الجامعات في الجزائر منذ 1998 : دراسة برامج عقود ما قبل التشغيل

Abstract

تميزت صورة السياسة العامة في الجزائر منذ نهاية تسعينيات القرن الماضي بتعاطي المشرعّين والساسة وخبراء الاقتصاد مع كل بادرة أزمة تلوح في أفق معيشة المواطن، ولعل أزمة البطالة التي استشرت بين الشباب من خريجي الجامعات خلال تلك الفترة كانت أكثر ما شغلهم،فراح واضعو السياسة العامة يحاولون إيجاد الحلول لها بين الظرفية والدائمة. لهذا فإن كثير من البرامج والصيغ تتابعت في الظهور وأخذ كل منها حيزا من التداول والدراسة والتنفيذ، ومن أمثلة تلك البرامج "صيغ عقود ما قبل التشغيل"حيث أوكلت مهمة التسيير إلى مجموعة من المؤسسات على غرار الوكالة الوطنية للتشغيل ومديريات النشاط الاجتماعي، وقد عرفت هذه الصيغ من التشغيل نتائج مختلفة حسب طبيعة الظروف في كل مرة، ولكنها في أغلب الاحوال كانت مرتبطة بالجانب الأمني والمعطى الاقتصادي للدولة وارتبطت في مجملها بتقلبات أسعار النفط ومستويات الرخاء على مستوى الخزينة العمومية. يعتبر تعاطي الدولة مع ملف التشغيل وخاصة الاهتمام بإيجاد مناصب العمل الدائمة منها والمؤقتة لخريجيالجامعات مسألة مرتبطة بالأمن في البلاد، وذلك قياسا على ما ينجر من مشاكل وقلاقل تؤرق الساسة ورجال الاقتصاد في ظل الجو المشحون الذي تخلفه مطالبات البطالين وخروجهم إلى الشارع وتسييرهم لمسيرات المطالبة بحقهم في العمل. لقد كانت لمؤسسات وأجهزة وبرامج تشغيل خريجي الجامعات في الجزائر مثل عقود ما قبل التشغيل الموجهة لخريجي الجامعات بالصيغة الأولية وبصيغة (CID) ضمن جهاز المساعدة على الإدماج المهني (DAIP)، وبرنامج عقد العمل المدعم(CTA) وغيرها تأثير في إعداد السياسة العامة وساهمت بقسط معين في انعاش سياسة التشغيل والحد من شبح البطالة، غير أنها كانت في مجملها مفتقرة إلى رؤية استراتيجية تتيح للدولة التحكم الكامل في إيرادات المؤسسات المسؤولة عن تشغيل الشباب، وكذا لطريقة التعاطي الحقيقي مع أرباحها وطرق تسييرها للمال العام.