استهداف التضخم كإطار لادارة السياسة النقدية : دراسة حالة الجزائر 1990-2013

Abstract

اعتمد صانعوا السياسة الاقتصادية خلال العقدين الماضيين على السياسة النقدية لتحقيق أهداف متعددة، كدفع عجلة النمو الاقتصادي، والسيطرة على معدلات التضخم، والحفاظ على استقرار سعر الصرف، وأدى هذا التعدد في الأهداف -والتي تتسم بالتعارض- إلى وجود حالة من التخبط في إدارة السياسة النقدية، فمع محاولة تحقيق أي من هذه الأهداف تظهر الحاجة إلى دعم هدف آخر، قد تتعارض القرارات المرتبطة بهذا الدعم مع تحقيق الهدف الأول . وفي ظل إعادة تحديد مهام السياسات الاقتصادية، أسند صانعوا القرار مهمة تحقيق استقرار الأسعار، وخفض معدلات التضخم إلى السياسة النقدية التي تعد السياسة الأجدر، والقادرة على تحقيق الهدف إذا كان التضخم ناشئا عن أسباب نقدية، أما في حالة كون التضخم ظاهرة غير نقدية فإن قدرة السياسة النقدية على تحقيق الهدف لن تعدو كونها غطاء مسكنا لمظاهر التضخم دون القدرة على علاج أسبابه. مع بداية التسعينيات تراجعت الكثير من الدول المتقدمة و النامية على حد سواء عن هذا الاعتقاد حيث انتقلت من التركيز على تلك الاستهدافات إلى التركيز على معدلات التضخم في حد ذاتها كاستهدافات وسيطية، يعرف هذا الإطار الحديث لإدارة السياسة النقدية سياسة استهداف التضخم التي تجعل استقرار الأسعار في المدى الطويل الهدف النهائي الذي يجب تحقيقه. ونجاح هذا الإطار يتوقف على عديد من المتطلبات التي قد لا تتوفر في الاقتصاد الجزائري وفي العديد من الاقتصاديات النامية، وبالتالي ذهب العديد من الاقتصاديين إلى التأكيد على ضرورة استيفاء هذه المتطلبات قبل التطبيق الفعلي لهذا الإطار في محاولة لتفادي الآثار السلبية التي قد تترتب على فشل هذا الإطار. وتكمن أهمية هذا البحث في كونه موضع دراسة وتحليل سياستين متباينتين للتحكم في التضخم حيث تعتمد السياسة النقدية التقليدية في تحقيق استقرار الأسعار كهدف نهائي بطريقة غير مباشرة عن طريق التأثير على الكتلة النقدية، إلى جانب تحقيق أهداف أخرى كالمحافظة على استقرار أسعار الصرف، أما سياسة استهداف التضخم فتجعل من هذا الأخير استهداف وسيط لإدارة السياسة النقدية بتخفيض هذا المعدل في المدى القصير، وتحقيق الاستقرار الاقتصادي في المدى الطويل.