نحو إ دماج الذكاء الاقتصادي في تسيير الاقتصاد الجزائري

Abstract

يشهد العصر الذي نعيشه حربا اقتصادية شاملة ومترامية الأطراف، وهذا راجع إلى ترابط اقتصاديات دول العالم فيما بينها، فأصبحت بذلك الأسواق مُعولمة ومُوحدة والمصالح الاقتصادية للدول والمؤسسات الاقتصادية متقاطعة؛ الأمر الذي دفع بهاته الأخيرة التي هي مشحونة بعقلية الوطنية الاقتصادية للبحث - مهما كان الثمن- لتحقيق ميزات تُكسبها معركة المنافسة التي لم تعد وطنية أو إقليمية فحسب بل عالمية وشاملة. إن هذه الميزات التنافسية - هي في الواقع - مرتبطة أشد الارتباط بالحصول على المعلومة المفيدة أو الاستراتيجية، التي أصبحت وبامتياز مصدرا للتنافسية والريادة الاقتصادية. إن المؤسسات الاقتصادية في بحثها عن هذه المعلومة المفيدة تُقِيم أجهزة لالتقاط، غربلة وتحليل المعلومات التي أصبحت تتميز بالوفرة والتنوع الكبيرين، لأن هذا العصر هو عصر المعلومة المتاحة، بل عصر الإغراق والتلوث المعلوماتيين؛ هذه الأجهزة التي تتباين تبعا لحاجات وإمكانات كل مؤسسة، فمن أجهزة لليقظة باختلاف أنواعها وكذا لتسيير المعلومات إلى أنظمة أكثر تعقيدا، والتي تتمثل في أنظمة الذكاء الاقتصادي. وتجدر الإشارة إلى أنّ كل من أجهزة اليقظة وتسيير المعلومات ماهية إلّا أدوات للذكاء الاقتصادي تضمن التقاط المعلومات ومعالجتها، لتمكين منظومة الذكاء من استخلاص المعلومة المفيدة والاستراتيجية، ووضعها تحت تصرف الشخص المناسب في الوقت المناسب بهدف مساعدته على اتخاذ القرار الصحيح الذي يُحقق مكاسب معتبرة جراء ذلك. وفي واقع الأمر فإنّ الذكاء الاقتصادي هو منهج للتسيير الاستراتيجي مزدوج المنفعة لكل من المؤسسات الاقتصادية والدولة، فبالنسبة للمؤسسات الاقتصادية - وكما أوضحنا أعلاه - يسمح لها بتحقيق مكانة مرموقة في الأسواق الوطنية أو العالمية، أما بالنسبة للدولة فإنّه يسمح لها بالحفاظ على السِّلم والترابط الاجتماعي بفضل تحقيق النماء والتطور الاقتصاديين، وبالتالي توفير مناصب أكثر للشغل. وبالنظر للمزايا التي يحققها الذكاء الاقتصادي لكل من الدولة والمؤسسات الاقتصادية، فإنّ إقامة منظومة للذكاء الاقتصادي لم تعد مسألة اختيار، بل ضرورة ملحة في الدول المتقدمة كما في الدول النامية، لأنّه يسمح لها من جهة بضمان تموينها بالمواد الأولية والطاقة، ومن جهةأخرى، إيجاد أسواق لصرف مخرجات اقتصادياتها. إنّ الجزائر مدعوة - أكثر من أي وقت مضى - لإقامة منظومة شاملة للذكاء الاقتصادي على مستوى أجهزتها ومؤسساتها، بالإضافة إلى المؤسسات الاقتصادية الوطنية، التي يجب أن تعي جيّدا هذا النمط التسييري وتتبناه بكل قوة. فالذكاء الاقتصادي يتطلب إصلاحا شاملا لوسائل العمل المختلفة وكذا تغييرا جذريا للذهنيات. وقصد تحقيق هذا الإدماج للذكاء الاقتصادي في تسيير الاقتصاد الجزائري ككل، والذي هو في الواقع أمر ممكن التحقيق؛ ارتأينا أن نساهم بعملنا هذا عن طريق البحث عن أفضل النماذج التي يمكن تطبيقها على واقع الاقتصادي الجزائري، مع مراعاة الخصوصيات الجزائرية المختلفة، اقتصادية ًكانت أم اجتماعية وثقافية.