البناء الاجتماعي لعلاقة المرأة بالرجل في الدراما التلفزيونية : مقاربة تحليلية نقدية

Abstract

يعدّ هذا البحث محاولة للتّعرف على آليّات البناء الاجتماعيلعلاقة المرأة بالرّجل في الدّراما التلفزيونيّة عبر مقاربة تحليليّة نقديّة للانتاج والتلقّي معاًلمسلسل "الخاوة"، بالاعتماد على فلسفة البناء الاجتماعيّ كتوجّه نظريّ يؤطّر البحث مع الاستعانة بمفاهيم نظريّة التلقّي ومقاربة النّوع الاجتماعيّللمساعدة على فهم مختلف آليات تأويل وإنتاج المعنى. تمّ الاستنادإبستيمولوجياعلى الأنموذج البنائيّ التأويليّكاستراتيجيّة منهجيّةواعتمدت المنهج الاستقرائيّالذي يرتبط عموماً بالأساليب النّوعيّة التي من سماتها الرّئيسة الترّكيز علىوجهات نظر الأفراد ومعانيهم، لذلك ارتكز قياس البناء الاجتماعيّ لعلاقة المرأة بالرّجل في المسلسل الدّراميّ عيّنة البحث على مجموعة من أدوات القياس النّوعيّة للنّصّ - المؤلّف - القارئ المشاهد، حيث تمّ استنطاق مضامين مشاهد بمختلف الفضاءات علىالمقاربة السيميائيّة، إلى جانب إجراء مقابلات للتعرّف على المؤلّف وسياق الانتاج، ثمّ البحث في آليّات البناء الاجتماعي النّصّ وإعادة إنتاج المعنى من قيل المتلقّي باعتماد المجموعات البؤريّة التي رغم الانتقادات الموجّه لها باعتبارها تُخرِج المتلقّي عن سياقه الطّبيعيّ إلاّ أنّها تعتبر الأداة الأكثر ملائمة باعتبارها تُسهِّل التّفاعل بين المشاركين والتعبير عن آرائهم وتساعد الباحث على رصد عمليّة التفاوض وبناء المعاني حول موضوع البحث لدى أفراد العيّنة. كشفت النتائج عن آليّات بناء اجتماعيّ معقّدة ومتداخلة بين النّص والمؤلّف والقارئ المشاهد حيث أفرزت معانٍ اشترك في إنتاجها العناصر الثّلاث وأخرى إنفرد بها كلّ عنصر، تداخلٌيمكن إرجاعه إلى عدّة عوامل نفسيّة واجتماعيّة وثقافيّة فرديّة وجماعيّة لدى المؤلّف والقارئ معاً، ساهمت هذه النتائج في الاقتراب من فهمآليّات البناء الاجتماعيّلعلاقة المرأة بالرّجل في مسلسل "الخاوة"من حيث الإرسال(النّص والمؤلّف) الذي يعتقد بضرورة الانطلاق من قيم النظام الاجتماعيّ التقليديّ لطرح قيم جديدة تسعى للتغيير،ومن حيثالمتلقّي الذي أوّل العلاقة المجسّدة دراميا انطلاقا من قصده العقليّ الفرديّ والجماعيّ إلى جانب ما عرضه مسلسل "الخاوة" الذي صوّر جزء من ثقافة هذا الجمهور بمجتمعه وهو ما يبيّن مدى هيمنة النّسق الاجتماعيّ التقليديّ على الأفراد ومؤسّسات الإنتاج. بناء عليه يمكن نفي بعض الأحكام المسبقة عن وسائل الإعلام والدّراما التلفزيونيّة على وجه الخصوص في كونها المسؤولة عن البناء الاجتماعيّ للجمهور المتلقّي وهذا ليس بُغية التعميم إنّما يقتصر على عيّنة البحث، حيث توصّلناإلى أنّ البناء الاجتماعيّ لعلاقة المرأة بالرّجل في الدّراما التلفزيونيّة عيّنة البحث هو بناء اجتماعيّ مشترك بين المرسل والمتلقّي أي: بين ثقافة مجتمع وبين أيديولوجيّة وذاتيّة المرسل إلى جانب الدّور المحوريّ للمتلقّي في تأويل النّصّ الدّراميّ. لكن تجدر الإشارة إلى أنّه رّغم توافق المعاني بين المرسلوالمتلقّي إلاّ أنّالتباين كان أكبر وبالتالي إنتاج متعدّد للمعاني يعكس ما يمكن أن يقدّمه القارئ للنّصّ من دلالات،الأمر الذي يؤكّد ما انطلقنا منه في الأنموذج البنائيّ التأويليّكاستراتيجيّة منهجية تعكس محاولة التموقعالابستيمولوجيّ للبحث من حيث اعتبار الحقائق متعدّدةباعتبارها تعتمد على أنظمة أخرى للمعاني وأنّالمعرفة المكتسبة مبنية اجتماعيا وليست محدّدة موضوعيا. نختم البحث بالقول أنّ بناء الحقيقة الاجتماعيّة تعدّ مسألة معقّدة جدا لا يمكننا فهم آليّاتها إلاّ من خلال فهم مختلف العوامل المتداخلة في تصور كلّ من المرسل والمتلقّي لعلاقة المرأة بالرّجل بمختلف الفضاءات الحياتيّة التي لا تخلو من أبعاد الجندر وأبرزها العائلة والعمل والفضاء العام، وأنّه بالرغم من التطبيق الصّارم لأدوات القياس تحرّيا للدقة والموضوعيّة في جمع البيانات ثمّ تحليلها ومناقشتها إلاّ أنّنا عبر هذا البحث لا ندّعي الوصول إلى الحقيقة بل الاقتراب منها