دور الضبط المالي في مواجهة الازمات المالية

Abstract

إن الأزمة المالية هي عبارة عن اضطراب يصيب القطاع المالي مما يعيق عمله بكفاءة وهي في الحقيقة نتيجة لاختلالات وممارسات خطيرة في ظل ضعف الأطر الرقابية مع وجود قواعد عمل مرنة. وقد يمتد هذا الاضطراب إلى باقي القطاعات الاقتصادية بسبب ترابطها فتتطور الأزمة المالية وتأخذ أبعادا أوسع وأكثر خطورة وتصبح أزمة اقتصادية في شكل تباطؤ في النمو ا?????دي. هناك عدة نظريات تفسيرية للأزمات المالية وتكررها على حسب المدارس الاقتصادية المختلفة. إذ يرى مؤيدو الفكر الليبرالي بأن السوق قادرة على ضبط نفسها ذاتيا في ظل الحرية الاقتصادية. بينما هناك من يعتقد العكس أي عدم قدرة آليات السوق على إعادة التوازن تلقائيا بل يحتاج هذا الأخير إلى تدخل خارجي من طرف الدولة أساسا لضبطه وإعادة التوازن عند الاقتضاء. لقد نشبت الأزمة المالية الأخيرة لسنة 2008 بسب قروض الرهن العقاري قليلة الجودة التي عجز أصحابها عن سداد مستحقاتهم بعد رفع أسعار الفائدة من طرف الاحتياطي الفيدرالي ولم تتوقف انعكاساتها على الولايات المتحدة الأمريكية بل طالت مختلف الدول لتصبح عالمية. برأي المحللين الاقتصاديين ليست هاته الأزمة وليدة الصدفة، بل كانت نتيجة حتمية لا????? عدد ?? ???? ?????? والاختلالات. تكمن أساسا في استخدام مكثف لأدوات مالية شديدة التعقيد من طرف هيئات مالية لا تخضع لأي رقابة وإشراف كافيين ?? طرف الهيئات العمومية. ومن هنا تعالت أصوات تنادي بضرورة إصلاح النظام المالي العالمي من حيث قواعد عمله وآليات الرقابة لمنع تكرار الكارثة في المستقبل. بغرض التطرق لهذه المسائل، تم تقسيم الدراسة إلى ثلاثة فصول. تم تخصيص الفصل الأول للجانب النظري والمفاهيمي المتعلق بظاهرة الأزمات المالية، من خلال عرض تعريفات لها وكذا شرح مختلف أشكالها وتجلياتها مع تشخيص الأزمة المالية الأخيرة لسنة 2008 من خلال التوقف على أهم المراحل التي مرت بها وكذا أبرز انعكاساتها والحلول المعتمدة. أما الفصل الثاني فيتطرق للإصلاحات المختلفة التي تم إدخالها عقب تلك الأزمة المالية على قواعد عمل المؤسسات المالية وآليات وهيئات الرقابة والإشراف التي تكفل الالتزام بالقواعد المعتمدة. في حين يتناول الفصل الثالث دراسة حالة الضبط المالي وتطوره في الولايات المتحدة الأمريكية انطلاقا من أولى القوانين الصادرة عقب أزمة 1929 ووصولا إلى قانون دود فرانك الذي جاء كردة فعل على الأزمة المالية الأخيرة.