التمثيل السياسي كنمط للحكم و أزماته : دراسة فكرية مستقبلية

Abstract

إنَّ نمط الحكم التمثيلي المستقر تطبيقاته في جل دول العالم التي تصف نفسها " ديمقراطية "، منذ ثلاثة قرون، وقد عرف مراحل من الألَق والجاذبية لعقود طويلة من خلال عوامل القوة والقابلية العقلانية لتطبيقه، فيما يشهد خلال العقود المتأخرة خصوصا منذ مطلع الألفية الثالثة حالة من تراجع تلك الجاذبية، ولا يتردد البحث العلمي والسَّاسة بوصف هذا الوضع بالأزموي، أي أنَّ نمط الحكم التمثيلي يعيش ضمن أزمات تجعله محل تراجع في المكانة التي يحوزها، فمنظومته تقوم بالأساس على وجود علاقة متوازنة بين طرفيها وهما ( الممثِّل -الممثَّل ) أي المنتَخَب والناخب، وأي اضطراب في هذه العلاقة وبالأكيد ستتجيَّر انحرافا لصالح المنتَخبين ولقوى أخرى وعندها تضيع فكرة التمثيل والتي تقوم على تطابق نسبي بين خيارات الناخبين وتفضيلاتهم، وكذا القرارات والسياسات العامة التي يقررها المنتخَبون والمسؤولون السياسيون باسم المؤسسات السياسية التي يشغلونها. تفكيك الأزمات التي يعرفها نمط الحكم التمثيلي تتوزع، على غموض مفاهيمي للتمثيل عطل قيام نموذج نظري متكامل يفسر ويضبط أنساقه وتفاعلاته، وأزمات متأتية من بنيته الداخلية ومحدداته الإجرائية من عمل حزبي وانتخابات وأداء للمؤسسات التمثيلية، وأخرى تشكل ضغوطا على النمط لمنافسته في بنيته وفكرته الأساسية وهي التمثيل، أو استخدام تلك الضغوط لآلياته للصعود للحكم أو تحريف مقاصدها، وهي الضغوط التي تتمثل في صعود الشعبويات وتنامي الحركات الاحتجاجية، وصعود المستقلين والتكنوقراط والبيروقراطيين، فيما يواجه النمط التمثيلي مستقبله غير الجازم بين الأفول والأمل في البقاء و قابلية الاستدامة المشروطة بالتحديث والإصلاح.