السياسة الخارجية الأوروبية في حوض المتوسط : دراسة حالة سياسة الجوار

Abstract

يتناول موضوع هذه الأطروحة دراسة السياسة الخارجية الأوروبية، ويخص بالبحث سياستها اتجاه الجوار الجغرافي القريب. وقد ظهرت أولى بوادر تطوير سياسة خارجية أوروبية موحدة مع تأسيس الجماعة الاقتصادية الأوروبية سنة 1957، لتكتمل معالمها مع دخول معاهدة ماستريخت حيز التنفيذ سنة 1994.حيث التزم الاتحاد الأوروبي بالإسهام في تطوير سياسة خارجية فعالة وفاعلة ومتماسكة في إطار علاقاته الخارجية عامة واتجاه جواره القريب على وجه الخصوص. ستقوم هذه الأطروحة بتسليط الضوء على النهج الذي تبناه الاتحاد في بلورة سياسته الخارجية بغية بلوغ هذا الهدف. وقد اتبع الاتحاد الأوروبي نهجا سياسيا يقوم على تحفيز وتشجيع الإصلاحات السياسية والاقتصادية الداخلية في دول الجوار الأوروبي. هذا النهج يتوافق مع مكتسبات مسار برشلونة التي انطلق سنة 1995 والذي يتبنى البعدين الثنائي والإقليمي، ويسعى إلى تنفيذها عن طريق خطط عمل ثنائية ومتعددة الأطراف تتخذ من الأدوات الاقتصادية-التنموية والأمنية أهم وسائلها. هذا، ومن ضمن النقاط التي سيطرحها هذا البحث للتحليل والنقاش، ما يواجه سياسة الجوار الأوروبية من تحديات، وفي مقدمتها المعضلات الداخلية والتعقيدات الأمنية الاقليمية. سواء التضارب الحاصل بين السياسة الاتحادية ومصالح الدول الأوروبية القطرية، وكذلك إعلان بريطانيا نيتها مغادرة الاتحاد وصعود اليمين المتطرف، فضلا عن تأثير غياب التضامن بين الدول الأعضاء. أو إقليميا من خلال التطورات الحاصلة منذ2011 في دول الضفة الجنوبيةللمتوسط وشرقه، والأزمات القائمة فيهاإلى جانب تدفق المهاجرين غير الشرعيين على أوروبا كنتيجة حتمية عن تراجع الاستقرار والحركية السياسية في المناطق المجاورة له. وتعد سياسة الجوار الأوروبيةالتي تم إطلاقها في سنة 2004، محاولة للتجاوب مع كل التحديات السالفة الذكر، ذلك لأنها شكلت جانبا أساسيا في السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، بغية معالجة بعض المسائل ذات الأهمية الاستراتيجية في دول الجوار، في مقدمتها دعم الاستقرار وتعزيز التعاون الاقتصادي مع دول الجوار المتوسطي، ومواجهة المنافسة المتنامية لبعض القوى الاقتصادية الصاعدة. لذلك فإن هذه الأطروحة رأت في الأخير، أنه من الضروري استشراف مدى قدرة صانع القرار الأوروبي على احتوائها جميعا، إلى جانب تصور ما يمكن أن تفضي إليه المراجعات المختلفة لهذه السياسة من طرف مؤسسات الاتحاد الأوروبي ومدى إمكانية أن تتحول الى سياسة قائمة بذاتها ونموذجا لباقي أوجه السياسة الأوروبية.