سوق العمل و تخطيط القوى العاملة الجزائرية

Abstract

يبذل الإنسان في نشاطه اليومي جهدا يختلف عن مجهود بقية الكائنات الحية، حيث يتميز جهده بالوعي الذي يرمي إلى تحقيق هدف متصوّر سلفا.أي أنّ الإنسان كائن مفكّر يعمل، وهذا ما جعل المفكر اليوناني أرسطو طاليس يقول بأنّ الإنسان : "كائن مخطّط "،بمعنى أنّه مقدما الغاية من الجهد الذي يبذله، ويتبع الوسائل الملائمة لتحقيق هذه الغاية. التخطيط بمفهومه العام، إنّما هو عبارة عن تحديد لمجموعة من الأهداف المتناسقة التي يراد تحقيقها وفق أولويات معينة، وخلال فترة زمنية محدّدة. مع اختيار مجموعة الوسائل والإجراءات اللازمة لتحويل هذه الأهداف إلى واقع. في عصرنا الراهن ،بفضل تقدم العلوم المختلفة ومنها علم الاقتصاد والتخطيط ووسائل جمع تحليل المعلومات اللازمة لهما، قد أصبح بمقدور الإنسان (المجتمع) أن يخطّط على نطاق المجتمع بأسره. وذلك أن يتصوّر مقدّما الكيفية التي سيكون عليها نمط الكيان الاقتصادي الاجتماعي ولمصلحة من ؟. ويرسم ذلك التصوّر المفصّل بالأرقام في خطط شاملة يتضمنها كذلك مجموعة الوسائل والإجراءات اللازمة للوصول إلى غاياته المخططة. إذا كان العامل المادي أو المالي من رأسمال ومواد أولية وطاقة ومعدات، يعتبر العامل المهمّ الذي من خلاله يحاول أيّ بلد تحقيق التنمية الاقتصادية. فإنّ العمل البشري يعتبر الأهم الذي يساهم في تلك التنمية. حيث أنّ القوى العاملة بحجمها وخصائصها لها دور مهمّ في العملية الإنتاجية، وتحديد مستوى رفاهية المجتمع. من هنا يتضح لنا أن من بين الأهداف الأساسية التي يسعى المجتمع لتحقيقها هو ضمان تحقيق التشغيل الكامل للقوى العاملة، ومحاولة سد حاجات القطاعات الاقتصادية منها كمّا ونوعا حسب المهن والاختصاصات. لن يأتي هذا إلا عن طريق التخطيط للقوى العاملة ، باعتباره وسيلة مهمّة لتخصيص الموارد والاستغلال الأمثل للطاقات البشرية المتوفرة في المجتمع. يعدّ موضوع تخطيط القوى العاملة من الموضوعات الهامة التي حظيت باهتمام العديد من الباحثين. لاسيما في النصف الثاني من القرن الماضي الذي اتسم باتساع قاعدة الدول التي أخذت بمبدأ التخطيط الشامل كإستراتيجية متكاملة لتلبية احتياجاتها على نحو ديناميكي مستقر ومتوازن. بحيث يستمر العمل التنظيمي بعيدا عن الإرباك أو التعطل.