امكانية تحسين المناخ الاستثماري في الجزائر من خلال تفعيل الحوكمة كآلية للحد من الفساد المالي والاداري

Abstract

تنبع فكرة الدراسة من مساعي الجزائر إلى الخروج من التبعية إلى عوائد قطاع المحروقات والتي تعرف هزات مستمرة وعدم استقرار وذلك من خلال تحسين مناخ الاستثمار وما يعنيه من تقديم الضمانات والمنح و التحفيزات تشجع الاستثمار المحلي وتساهم في استمالة المستثمرين الأجانب، غير أن الدراسات تؤكد أن المحددات التقليدية لتحسين مناخ الاستثمار أصبحت غير كافية لنجاحه في ظل احتدام التنافس الدولي حيث أكدت عديد الدراسات الحديثة على أن نجاح عديد دول العالم في استمالة تدفقات الاستثمار دون غيرها من الدول يعود إلى نجاحها في ارساء مبادئ الحوكمة الرشيدة وتقويض أشكال الفساد المالي والإدارية. وعلى ما تقدم تم طرح الإشكالية التالية: إلى أي مدى يمكن لتبني الحوكمة كآلية للحد من الفساد المالي والإداري أن تسهم في تحسين المناخ الاستثماري في الجزائر؟ ولقد سعت الجزائر إلى تحسين المناخ الاستثمار من خلال سن القوانين والتشريعات المتعلقة بالاستثمار والقيام بسلسلة من الإصلاحات الإقتصادية وتقديم العديد من المزايا و الحوافز، كما عملت على تعزيز آليات الحوكمة من خلال سلسلة من الإصلاحات في الإدارة وكذا القضاء. وفي إطار محاربة الفساد أنشأت الوكالة الوطنية لمكافحة الفساد، و صادقت على عديد الاتفاقيات الدولية والإقليمية والقارية في مكافحة الفساد. غير أن هذه المساعي لم ترتقي إلى دعم تنافسية المناخ الاستثماري، حيث أن حجم الاستثمار المحلي وكذا الأجنبي إذا ما استثنينا قطاع المحروقات بقي ضعيفا قياسا بما تزخر به الجزائر من مقومات طبيعية وبشرية ومالية. ولبيان العلاقة بين متغيرات الدراسة والإجابة على الاشكالية تم اعداد ثلاثة نماذج لقياس مدى تأثير كل من الفساد وكذا الرقابة على الفساد( كمعبر عن الحوكمة) على كل من الاستثمار المحلي و كذا الاستثمار الاجنبي المباشر المتدفق إلى الجزائر، كما تم تحليل مؤشرات الحوكمة، وكذا مناخ الاستثمار في الجزائر وبعض الدول للوقوف عند العلاقة بين مناخ الاستثمار والحجم الفساد في الدول، وأهم ما توصلت إليه الدراسة أن الفساد يؤثر بشكل سلبي على حجم الاستثمار المحلي والأجنبي المباشر المتدفق إلى الجزائر، كما توصلت الدراسة إلى أن الجزائر تعاني ضعفا كبيرا من حيث مستوى حوكمة مؤسسات الدولة ما أسهم في تفشي الفساد المالي والإداري، وهذا ما جعلها تصنف ضمن الدول الأكثر فسادا حسب مؤشر الشفافية الدولة، وانعكس ذلك بشكل مباشر على مناخ الاستثمار ما أسهم في ضعف الاستثمار المحلي وكذا الأجنبي المتدفق إلى الجزائر. كل هذا يقتضي إرادة سياسية جادة في الإصلاح من خلال إعادة تقييم الوضع والعمل على سن القوانين وإنفاذها، وتفعيل دور أجهزة الرقابة ومحاربة الفساد ودعمها بوسائل العمل، وضمان استقلاليتها التامة في آداء مهامها وتعزيز سلطة واستقلالية جهاز القضاء بما يعزز الحوكمة ويسهم في تحسين مناخ الاستثمار المحلي.