الهوية الثقافية الأمازغية من خلال الإتصال والتفاعل الرمزي في الأداء المسرحي الجزائري : دراسة تحليلية سيميولوجية على عينة من المقطوعات المسرحية وتلقي الأفراد لها

Abstract

تبحث هذه الدراسة عن تمثلات الهوية الثقافية الأمازيغية عبر الأداء المسرحي الجزئري الناطق بالأمازيغية وعليه، حاولنا أن تستنطق المعاني الضمنية لمسرحية "أحيطوس" بكل مستوياتها ( النص، العرض والتلقي) للإطلاع على الرموز والعلامات الثقافية الوثيقة الصلة بالهوية الثقافة الأمازيغية،و سعينا في ذات الوقت معرفة نمط تلقي الأفراد لهذه المسرحية والتأويلات التي يضفونها إلى النص المسرحي أثناء تلقيهم لها وتفاعلهم الرمزي مع دوالها وشفراتها. قمنافي هذه الدراسة تحليل العلامات المسرحية الدالة على مقومات الهوية الثقافية الأمازيغية من خلال تطبيقنا منهج متكامل يتجسد في مقاربات التحليل السيميولوجي التي وزعناها حسب خصوصيات كل مستوى من مستويات التحليل. ذلك بالإستعانة بالأدوات الميدانية للدراسة التطبيقية لعملية التلقيالذي حاولنا دراسته في إطار المقاربة الإيثنوسينولوجيا لدراسة العروض الحية،و عملية اتصال الجمهور المتلقي مع ما تحتويه الخشبةبتفكيك علاماتها وإعادة تركيبها. وعبر هذه السيرورة البحثية، حاولنا مقاربة تمثلات الهوية الثقافية الأمازيغية عبر مسرحية "أحيطوس" من تأليف السيد " نور الدين أيت سليمان" واخراج السيدة "نبيلة ابراهيم" التي تم عرضها بقرية أحيطوسن بلدية بوزقان ولاية تيزي وزو يوم 13 أوت 2017، في إطار الطبعة الثالثة لمهرجان "أحيطوس". إذ كشفنا عن نمط تلقي أفراد الجمهور لهذه المسرحية،واستنطاق الصورة الذهنية التي تمنح للهوية الثقافية الأمازيغية، قبل وبعد تلقيهم للعرض المدروس،وهي الدراسة التي سعينا من خلالها المقاربة بين العرض والتلقي، لمعرفة مدى نجاح الممثل في إيصال الرسالة المقصودة،ونمط مساهمة المسرح الجزائري الناطق بالأمازيغية كوسيلة ومضمون اتصالي في إرساء معالم هذه الهوية وفق ما يحتضنه المخيال الاجتماعي الأمازيغي حولها. توصلت الدراسة بعد التحليل السيميولوجي والإيثنوسينولوجي لمستويات مسرحية أحيطوس (نص، عرض وتلقي) إلى أن الهوية الثقافية الأمازيغية نظام رمزي مشبع بمختلف العلامات التي توحي إلى المقومات الأساسية والثانوية لهذه الهوية، إذ تتحدد نواتها المركزية في القيم الإجتماعية العليا التي لا يمكن لها أن تتغير مع مرور الزمن كالشرف "ennif"، الرجولة "tirrugza"، سلطة العرف والعادات "tajmaat"، سلطة الكلمة "awal"، المكانة الإجتماعية لكل من الرجل، المرأة، الدم، حب الأرض، اللغة والدين... وأكدت الدراسة في ذات الوقت أن النواة المركزية للهوية الثقافية الأمازيغية تحاط بعناصر ثانوية تدعمها، وتكون في حالة حركة وقابلية للتعديل كاللباس، العمران، الحلي، الأوشام، الفنون الموسيقية... نشير في النهاية أن هذا البحث يبقى محاولة لرصد تفاعل جماعة إجتماعية جزائرية مع حيثيات العرض المسرحي المباشر الذي يعكس في ثناياه تمثلات هويتها الثقافية في سياقها المرجعي، الأمر الذي يثبت السيرورة الدلالية للعلامات المسرحية (le sémiose ) التي تنبثق من النص إلى خشبة المسرح ومن خشبة المسرح إلى المتلقي لتعود بعدها إلى الممثل عن طريق التفاعل الرمزي لافراد الجمهور، وهكذا تتشكل حلقة الإتصال المسرحي.