دور قيم المتلقي في تأويل الأفلام الدرامية : دراسة مسحية لعينة من الطلبة الجامعيين بكلية علوم الاعلام والاتصال في جامعة الجزائر03على ضوء تلقي فيلمي Un bébé devant ma porte » .. «Destination la France »

Abstract

انعكست التطوّرات التكنولوجية لوسائل الإعلام على الدراسات الإعلامية بصفة عامة، وعلى دراسات الجمهور بشكل خاص، فبعد أن كان ينظر للجمهور على أنّه سلبي يتأثر بوسائل الإعلام، تحوّل الاهتمام إلى ماذا يفعل الجمهور بهذه الوسائل، على اعتبار أنّه متلق إيجابي وفعال، يساهم في بناء المعنى وإعادة إنتاجه، ويتحكّم في ظروف التّعرّض للوسائل الإعلامية ومضامينها. في هذا السياق، وعلى هذا الأساس تلخّصت إشكالية دراستنا في السؤال الجوهري التالي: ماهو دور قيم جمهور طلبة علوم الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر3 في تأويل مظاهر القيم المتضمّنة في الأفلام الدرامية، على ضوء تلقي فيلمي: " destination la France " الجزائري وفيلم " un bébé devant ma porte " الأمريكي؟ وقد تفرّع عن هذا السؤال الجوهري مجموعة من التّساؤلات الفرعية التالية: 1/ ما هي أنواع القيم التي يحملها الفيلم الدرامي الجزائري " destination la France " المعروض على الطلبة الجامعيين؟ 2/ ما هي أنواع القيم التي يحملها الفيلم الدرامي الأمريكي " un bébé devant ma porte " المعروض على الطلبة الجامعيين؟ 3/ ما هي مستويات الاختلاف والتماثل في قيم الفيلمين المعروضين؟ 4/ ما طبيعة القيم التي يحملها الطلبة المبحوثون؟ 5/ كيف يؤول الطلبة المبحوثون محتويات كل فيلم من الفيلمين الدراميين قيميا؟ 6/ هل تؤثر الفروقات القيمية للطلبة محل الدراسة على تأويلاتهم لمظاهر القيم المتضمّنة في كل فيلم من الفيلمين المعروضين؟ واكتفينا في دراستنا بفرضيتين مكمّلتين لهذه التساؤلات، على النحو الآتي: 1/ تتوافق قيم الطلبة المبحوثين مع مظاهر القيم المتضمنة في الفيلم الدرامي الجزائري. 2/ تتعارض قيم الطلبة المبحوثين مع مظاهر القيم المتضمنة في الفيلم الدرامي الأمريكي. وبغية الإجابة على هذه التّساؤلات السابقة، والتأكد من صحّة الفرضيات، وتحقيقا لأهداف الدراسة، استخدمنا منهج المسح الوصفي من خلال اعتماد ثلاثة أدوات للدّراسة، هي: ـــــ أسلوب تحليل المضمون: لتحليل مضمون كلا الفيلمين المختارين عبر دراسة استطلاعية أوّلية للطلبة في كلية الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر3. ــــــ الملاحظة في عين المكان: من خلال ملاحظة الطلبة خلال عملية التلقي لمساعدتنا في استخراج القيم. ــــــ الاستمارة: اعتمدنا على هذه التقنية للتعرّف على قيم الطلبة المبحوثين وكيفية تأثيرها على عمليتي التلقي والتأويل لكلّ فيلم من الفيلمين المعروضين؛ وعلى هذا الأساس أعددنا استمارة تضم ثلاثة محاور: الأوّل للتعرّف على قيم الطلبة المبحوثين، والثاني مخصص لاستخراج مختلف القيم ومظاهرها المتضمّنة في الفيلم الجزائري المعروض destination la France، والثالث يخص مظاهر قيم الفيلم الأمريكي المعروض: " un bébé devant ma porte ". وقد أعددنا 300 استمارة لتوزّع على طلبة عينة بحثنا بعد أن يتم عرض الفيلمين عليهم بصورة جماعية في أحد مدرجات الكلّية بهدف استخراج قيمهم وطريقة تأويلهم للأبعاد القيمية المتضمنة في كلّ فيلم، وفي مرحلة أخرى، تحديد طبيعة العلاقة بين كلّ من قيم المتلقي والقيم المحمّلة في الفيلم وأيضا استخراج الفروقات القيمية بين الطلبة وتحديد علاقتها باختلاف السياق الإنتاجي للفيلم؛ إلاّ أنّ عدد الحضور قدّر بـ 143 طالبا، وبعد إلغاء الاستمارات غير مكتملة الإجابة، تحصّلنا على 132 استمارة. وبعد القراءة الكمية والكيفية للنتائج، تمكّنا من الإجابة على تساؤلات الدراسة، والتحقق من فرضيتيها، فتوصّلنا إلى أنّه: خلال العرض التلفزيوني (للفيلمين الدراميين)، يؤدي نظام القيم لطلبة علوم الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر3 المتلقين، وظيفة مرشح إدراكي un filtre perceptuel يمر من خلاله كل المنبهات الخارجية المتمثلة في القيم التي تتضمّنها الرسائل التلفزيونية، وخلال عملية التأويل تتفاعل هذه القيم مع قيم المتلقي لتولّد لديه استجابات إدراكية وانفعالية تختلف باختلاف درجة التوافق بين قيمه والقيم التي تتضمنها أو تنقلها الرسالة التلفزيونية والتي نلاحظ أنّها تتوافق مع مظاهر القيم (السلوكيات الإيجابية) المتضمّنة في كلا الفيلمين إذا كانت فاعلة، وقد تتعارض إذا ما كانت قيم الطلبة معطّلة؛ وعليه، تجدر الإشارة لتدخّل عدة عوامل في تحديد دور قيم الطلبة المبحوثين في عملية تأويلهم لمظاهر القيم في كلا الفيلمين: كفاعلية القيمة أو تعطّلها، والسمات الديموغرافية للطلبة المبحوثين، واحتياجاتهم النّفسية والاجتماعية، والعادات والتقاليد، ودور مختلف مؤسسات التنشئة الاجتماعية (كالأسرة والمدرسة والأصدقاء، والمسجد، والشغل، ووسائل الإعلام)، في غرس أو ترسيخ أو تعزيز القيم لدى أفراد الجمهور، وتغليب النّزعة المادية في الحياة الاجتماعية، وكذا البيئة الإنتاجية للفيلم الدرامي المشاهد.