إشكالية الديموقراطية التوافقية في لبنان بين الرهان الداخلي و التأثيرات الخارجية 2008-2020

Abstract

اثبت واقع المجتمعات الإنسانية بشواهده التاريخية والجغرافية انه لا يوجد مجتمع بدون تعدد أو انقسام، وهذه الحقيقة ليست الاستثناء، وانما الاستثناء هو طبيعة وتأثر هذا الانقسام او الانشطار المجتمعي من الناحية السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية ...على النظام السياسي أو على وجود واستمرارية الدولة في حد ذاتها، حيث تسعى كل طائفة لأن تلعب دورا في اللعبة السياسية لتعظيم المكاسب الاقتصادية والسياسية، الأمر الذي قد يشكل صدام مع الطرف الآخر، وقد يأخذ أحيانا شكل الصدام طابع العنف السياسي في صورة حرب أهلية داخلية. الأمر الذي يحتاج الى آليات واستراتيجيات لإدارة هذا التنوع، في إطار بنى ومؤسسات سياسية رسمية جامعة، فكانت الديموقراطية التوافقية هي احدى هذه الاستراتيجيات، وأكثرها انتشارا سياسيا فتعددت التجارب والممارسات الواقعية لها، منها ما كان ناجحا ومنها مزال في إطار الطائفي السياسي مثل لبنان، فعلى طول تاريخ لبنان الصراعي ورغم تبني الديموقراطية التوافقية وثبات وجودها وممارستها هيكليا ومؤسساتيا. إلا أن واقع الممارسة السياسية في لبنان يثبت انه لم يخرج بعد من حيزه الطائفي المصلحي الضيق، فالعملية السياسية اللبنانية تدار بخلفيات سياسية طائفية على قاعدة تأمين حصص طائفية مناسبة ضمن التكتلات والكيانات الطائفية، وتقاطع مصالح الإقليمية والدولية يمارسها من خلالها دور الوكيل. الأمر الذي يحتاج الى ضرورة فعلية لإعادة بناء الصيغة التوافقية في لبنان وفق مفهومها الحقيقي نحو دولة مدنية، أو التخلي النهائي عنها وتبني نموذج يصلح مع طبيعة المجتمع التعددي، رغم أن الواقع يثبت صعوبة ذلك إلا أنه لا توجد استحالة ان استطاع المجتمع خلق نخبة مدنية حقيقية بعيدة عن التوزيع الطائفي، تخرج لبنان من واقعه المتأزم الحالي.