دور القيادة السياسية في عملية بناء الدولة

Abstract

تلعبالقيادةالسياسيةدورابارزافيعمليةبناءالدولةوتكوينها،حيثتعملكمحركرئيسيورابطبينمكوناتهاالمختلفة،بحيث تتكونعمليةبناءالدولةمنعناصرمتكاملةسياسياواقتصادياواجتماعياوثقافياوعسكريا،والتيتتفاعلوتتأثرببعضهاالبعض،ولايمكنفصلها فيما بينها،وإلافإنعمليةبناءالدولةلنتكتمل بالشكل المطلوب،لذا،تبرزأهميةالقيادةالسياسيةفيهذهالعملية،خاصةفيالمراحلالأولىحيثقديكونهناكغيابلمؤسساتوفواعلالدولة، وبسببذلك،تمتلكالقيادةالسياسيةقدراأكبرمنالتأثيرعلىالحياةالسياسية،حيثتستطيعتوجيهالمجتمعوتحديدأولوياتهووضعالاستراتيجياتالمناسبةلاستغلالمواردالدولةبالطرقمثلى. يمكنالقولإنالقيادةالسياسيةتعدهمزةالوصلالحاسمةفيعمليةبناءالدولة،حيثتلعبدورامحوريافيتوجيهالمجتمعوتنظيمالمؤسساتوتحقيقالتنميةوتنظيمالموارد،وتكتسبهذهالقيادةأهميةكبيرةخاصةفيالمراحلالأولىلغيابالمؤسساتوفواعلالدولة،حيثتتمتعبمزيدمنالحريةوالتأثيرعلىالعمليةالسياسيةوالاجتماعيةوالاقتصاديةفيالدولة. وبالنظر الى الدولة التركية أن رجب طيب أردوغان تسلم السلطة في مرحلة تعاني فيها الدولة التركية أزمات شديدة، خاصة بعد التوجهات السياسية العلمانية لكمال أتاتورك الذي أقام نظام سياسي يفتح المجال للصراعات السياسية خاصة بتدخل المؤسسة العسكرية في الشؤون السياسية ومنع عمليات التغيير السياسي بحجة تهديد المبادئ العلمانية، كما عانت الدولة التركية من تفشي الفساد السياسي وعدم الاستقرار الاقتصادي، وعلاقات خارجية غير مستقرة تميزت بالانعزالية. ومع وصول رجب طيب أردوغان كانت أول أهدافه، بناء الاستقرار السياسي عبر التوفيق بين الجماعات المتصارعة، وتحقيق تطور اقتصادي، و تغيير أسس السياسة الخارجية للدولة بالانفتاح على المجتمع الدولي وتطوير العلاقات عبر نموذج "صفر مشاكل "، واستغلال العمق الاستراتيجي للدولة التركية في بناء قوتها الخارجية خاصة على المستوى الاقليمي، وتحقيق الوحدة الوطنية عبر تجاوز الصراعات الايديولوجية والعرقية، الى جانب إنهاء دور المؤسسة العسكرية في الشؤون السياسية والتي كانت أحد الأسباب الرئيسية لمنع التغيير. ليركز في الفترة الثاني على النهوض بالدولة التركية خاصة في الجانب الاقتصادي الذي شهد تطور كبيرا لم تشهده الدولة التركية من قبل، كما تعزز الدور الاقليمي والدولي للدولة عبر اتخاذه دور الوسيط في الصراعات المختلفة أهمها الصراع الروسي الأوكراني والصراع في الدولة السورية، الى جانب تطور العلاقات الخارجية وزيادة نسبة التفاعلات الدبلوماسية بين تركيا وباقي دول العالم، كما شهدت تركيا الدخول في العديد من منظمات التعاون الدولي، وقد كانت النتائج المحقق راجعة الى السياسات التي انتهجها رجب طيب أردوغان على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والتي تمكن من خلالها بناء الدولة التركية تحت مسمى الجمهورية الثانية. فعلى الصعيد الداخلي استطاع أردوغان تحقيق قفزة نوعية في القطاع الاقتصادي وبوتيرة سريعة، كما استطاع بناء التوافقات السياسية وإنهاء أزمة الانقلابات الداخلية عبر تغيير القوانين الدستورية لتحديد الدور الطبيعي للمؤسسة العسكرية وعدم تدخلها في الشؤون السياسية، كما استطاع التفاعل مع الأزمة الكردية وتجاوز الصراعات العرقية الداخلية، الى جانب التوفيق بين العلمانية والاسلام عبر اعتماد نموذج " الديمقراطية المحافظة" التي تفتح المجال للحرية الفردية خاصة في التدين، في حين تعتبر الدولة ذات توجه علماني لا تدخل في شؤون الأفراد الشخصية، وهو ما أنهى أزمة اجتماعية وهوياتية عانت منها الدولة التركية لعقود اثرى سيطرت الدولة وتحكمها وتوجيهها للنسق الاجتماعي والثقافي. وعلى الصعيد الدولي، استطاع رجب طيب أردوغان تغيير معالم السياسة الخارجية عبر اعتماد سياسات جديدة مكنت الدولة التركية من الخروج من حالة الانعزال التي كانت فيها، والتوجه نحو بناء علاقات خارجية أكثر توسع، من خلال إقامة تحالفات استراتيجية وعلاقات أمني واقتصادية وإنهاء كافة الصراعات خاصة مع دول الجوار، اضافة الى الجمع بين التوجه نحو الغرب ونحو الشرق، واعتبار تركيا ذات مكانة جغرافية تمنحها أولوية الوساطة بين الدول الغربية والدولة العربية والاسلامية، وهو ما يزيد من قوتها الاقليمية، وهذا أيضا ما حقق لها توازن في السياسة الخارجية ساعدها على استقطاب أطراف المجتمع الدولي وزاد من نفوذها في القضايا الساخنة التي جعلت من الدول العظمى كالولايات المتحدة الأمريكية وروسيا التنافس من أجل إقامة علاقات استراتيجية مع تركيا نظرا أيضا لوزنها الاقليمي في المنطقة.